صاحب الشرع وضعه له، ولفظ بـ (الصلاة) كان معلوما لهم اسما للدعاء، والعبادة المخصوصة كانت مجهولة لهم، فأحدهما مجهول والأخر معلوم.
قوله:(منع منه القاضي مطلقا، وأثبته المعتزلة مطلقا).
يريد بالإطلاق عموم الأقسام الثلاثة المعلومين والجهولين، والمعلوم والمجهول التي تقدم تمثيلها، فإن المذهبين اطردا في الجميع، فالقاضي يقول: جميع ما أطلق في الشريعة، إنما أريد به مسماه اللغوي، وأراد الله -تعالى- بـ (الصلاة) الدعاء، ودلت الشريعة أنه لا بد من إضافة أمور أخر للدعاء، وأن ذلك الدعاء يتعين أن يكون دعاء الفاتحة، وهو قوله تعالى:{أهدنا الصراط المستقيم}] الفاتحة: ٦ [، وأن يضاف إليه جميع الفاتحة مع جميع الشروط والأركان.
والمعتزلة يقولون: بل نقل صاحب الشرع هذه الألفاظ، وجعلها اسما لهذه الحقائق المتحددة، كما يسمى الإنسان ولده جعفرا باسم النهر الصغير.
والمصنف وغيره قالوا: استعملها صاحب الشرع مجازا عن الحقائق اللغوية، فهذه ثلاثة مذاهب.
وقال سيف الدين: نفى (القاضي) الوضع الشرعي، وأثبته (المعتزلة) والفقهاء والخوارج)، فجعل الفقهاء مع المعتزلة، ولم يتعرض له المصنف، وكذلك نقله أبو الحسين في (المعتمد).
وقال أبو إسحاق في (اللمع (: هذه أول مسألة نشأت في الاعتزال؛ لأنه لما قتل عثمان -رضي الله عنه- ونشأت الفتنة، ثم جاءت المعتزلة، قدحوا في الصحابة -رضي الله عنهم- وقالوا: لا نجعلهم مؤمنين، بل منزلة بين منزلتين.