أحدهما: أنه لو كان كذلك، لكان المفهوم من لفظة (أخرج) أن القادر صدر عنه هذا الأثر، فيكون مجرد قولنا:(أخرج) خبرا تاما فكان يلزم أن يتطرق إليه وحده التصديق والتكذيب، ومعلوم أنه ليس كذلك.
وثانيها: أنه يصح أن يقال: أخرجه القادر، ولو كان القادر جزءا من مفهوم (أخرج) لكان التصريح بذكر القادر تكرارا.
وثالثها: هب أنها دالة على صدور الفعل عن القادر، فأما عن القادر المعين، فلا؛ وإلا لزم حصول الاشتراك اللفظي بحسب كل واحد من القادرين.
إذا ثبت هذا فنقول: إذا أضيف ذلك الفعل إلى غير ذلك القادر الذي هو صادر عنه، لم يكن التغيير واقعا في مفهومات الألفاظ، بل في إسناد مفهوماتها إلى غير ما هو مستندها.
فإذا قال قائل: ما الفرق بين هذا المجاز، وبين الكذب؟
قلنا: الفارق هو القرينة، وهي قد تكون حالية، وقد تكون مقالية.
أما الحالية فهي: ما إذا علم أو ظن أن المتكلم لا يتكلم بالكذب؛ فيعلم أن المراد ليس هو الحقيقة، بل المجاز.
ومنها: أن يقترن الكلام بهيئات مخصوصة قائمة بالمتكلم، دالة على أن المراد ليس هو الحقيقة، بل المجاز.
ومنها: أن يعلم بسبب خصوص الواقعة أنه لم يكن للمتكلم داع إلى ذكر الحقيقة؛ فيعلم أن المراد هو المجاز.