للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما التحقير، فكما يعبر عن قضاء الحاجة بالغائظ الذي هو اسم للمكان المطمئن من الأرض.

وأما زيادة البيان: فقد تكون لتقوية حال المذكور، وقد تكون لتقوية الذكر:

أما الأول؛ فكقولهم: (رأيت أسدا)، فإنه لو قال: (رأيت إنسانا يشبه الأسد في الشجاعة) لم يكن في البلاغة كما إذا قال: (رأيت أسدا) وتحقيق هذا الفرق مذكور في كتابنا في (الإعجاز).

وأما الثاني فهو: المجاز الذي يذكر للتأكيد.

وأما تلطيف الكلام فهو: أن النفس إذا وقفت على تمام كلام، فلو وقفت على تمام المقصود، لم يبق لها شوق إليه أصلا؛ لأن تحصيل الحاصل محال، وإن لم تقف على شيء منه أصلا، لم يحصل لها شوق إليه.

فأما إذا عرفته من بعض الوجوه دون البعض، فإن القدر المعلوم يشوقها إلى تحصيل العلم بما ليس بمعلوم، فيحصل لها بسبب علمها بالقدر الذي علمته - لذة، وبسبب حرمانها من الباقي - ألم، فتحصل هناك لذات، وآلام متعاقبة، واللذة إذا حصلت عقيب الألم، كانت أقوى، وشعور النفس بها أتم.

إذا عرفت هذا فنقول: إذا عبر عن الشيء باللفظ الدال عليه؛ على سبيل الحقيقة، حصل كمال العلم به؛ فلا تحصل اللذة القوية.

أما إذا عبر بلوازمها الخارجية، عرف لا على سبيل الكمال؛ فتحصل الحالة المذكورة التي هي كالدغدغة النفسانية؛ فلأجل هذا، كان التعبير عن المعاني بالعبارات المجازية ألذ من التعبير عنها بالألفاظ الحقيقية، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>