من عظام عديدة، وأربطة، وعضل متعددة؛ ومن ورائها، وقدامها، وورائها، وألا تقبض وتبسط، وتدار، وطولت أصابعها لتحيط بالأشياء الغليظة، وقعر كفها لتشتمل على الأشياء، الكروية، وجعل إبهاماها أمام أصابعها لتقابله ويقابلها، فتقوى كل منهما بصاحبتها، بخلاف لو جعلت كلها في جهة واحدة ضعفت، ورققت أظافرها لتمسك بها الأشياء الدقيقة، وجعل جلدها أقوى الجلد حسا لتدرك به الكيفيات المختلفة، فيتناول منها عند عدم الإدراك بالبصر مقصوده، ويجتنب مكروهه، فهذه الصورة على هذه الهيئة أوجبت هذه الأعمال، فكان إطلاق لفظ اليد على القدرة من باب إطلاق اسم السبب الصوري على المسبب.
قوله: (ومثال التسمية باسم الفاعل حقيقة أو ظنا: تسميتهم المطر بالسماء (.
إنما قال: حقيقة أو ظنا؛ لأن قرائن الأحوال في العادة اقتضت أن السحاب أجسام لطيفة يخلقها الله- تعالى- من بخار الأرض أو من غير ذلك، الله اعلم بأسرار ملكه، الأول قول الفلاسفة، والثاني قول أصحابنا، فإن فرعنا على الأول فيكون اللطيف من البخار يختفي في بطن السحاب، وينعكس، ويقطر ماء، كما تراه في غطاء القدر يصعد البخار من القدر، فإذا انعكس من غطائها رجع ماء وقطر، وعلى هذا التقدير يكون تكون الماء في بطون السحاب كتكون الأجنة في بطون الأمهات، فكما يقال: إن رحم المرأة فاعل عادة لا حقيقة في تكوين الجنين، كذلك السحاب فاعل عادة في تكوين الماء، كما تقول: الشمس تفعل في العادة نضج الثمار، ويبس الحبوب، وإذابة الشمع، وتجفيف الماء من الثياب وغيرها، أو الله- تعالى- يلقح السحاب بالرياح، ويجعلها تولد الماء بطريق آخر الله- تعالى- يعلمه، فلما كانت هذه الاحتمالات قائمة لم يحصل الجزم بأنها فاعل عادة.