أحدهما: أنه أراد بالعام والخاص فيما تقدم المعنى العام لا اللفظ العام، وعلى هذا يصدق، ثم إن الخاص كل والعام جزء، فإن الحيوان الأعم جزء الإنسان الأخص ٠ وكذلك كل أعم مع أخصه، ولذلك قال هاهنا:(فلا يكون هذا قسما آخر) دل على أنه تقدم، ولم يتقدم له إلا هذا المثال من هذه الصيغة، وهذه المادة، غير أن ما ورد عليه ئمت من أن صيغة العموم كلية لا كل يرد عليه سؤال آخر، وهو أنا إذا حملنا كلامه ئمت على أنه أراد العموم المعنوي لا اللفظي انعكس الحال عليه في التمثيل؛ لأنه جعله لإطلاق اسم الكل على اسم الجزء، والعام ليس هو كل الخاص، بل جزء الخاص كل؛ لأن الخاص مركب من العام، وزيادة الفصل، وإن لم يكن هذا مراده بطل قوله: لا يكون هذا قسما آخر؛ لأنه حينئذ لم يتقدم له ذكر.
والأمر الثاني: المستفاد من كلامه هاهنا أن مراده بقوله: المجاز مسبب أن أهل العرف تركوا استعماله في الذي كانوا يستعملونه فيه، أن أهل العرف تركوا المعنى العام الذي هو مطلق الدابة، وجعلوا اللفظ لبعض أنواعه الذي هو الفرس أو الحمار، لا أنهم تركوا الحقيقة العرفية بل اللغوية، ولو لم يكن هذا مراده لما كان لقوله: فإن قلت: اللفظ إما أن يكون مجازا من حيث هو مستعمل في الفرس وحده، السؤال إلى آخره معنى، بل إنما يتجه السؤال إذا كان المصنف ادعى هذا المجاز الذي ردد فيه السائل، غير أن جوابه يبطل ذلك.
قوله:(والثاني باطل؛ لأن المجارية كيفية عارفة للفظة من جهة دلالتها على المعنى لا من جهة عدم دلالتها على الغير).
تقريره. أن الجاز لا يتصور بدون الاستعمال؛ لأن حده اقتضى ذلك، حيث قلنا: هو اللفظة المستعملة في غير ما وضع له لعلاقة بينهما، والمهجور