هذا وذاك، فكذلك في اسم العلم، فإنه أريد به نفس موضوعه الأصلي، ولأن اختصاصه بمحل الوضع وليس تقتضيه اللغة، ولا تبينه على المشاركة في صفة يقتضيه وضع المسمى، ولابد للمجاز من ظهور في محل الاستعمال أولا واحتمال لمحل الاستعمال ثانيا، بالإضافة إلى الإشعار اللغوي.
قال: وهذا من لطائف المباحث.
قلت: والجواب عن كلامه:
أما الوجه الأول: فقوله: (إن العلم إنما وضع لتلك الذات مع قطع النظر عن الصفة) - فمسلم، ولكن قوله:(ولابد وأن يجعل في ثاني حال عبارة عن ذات هو كذا، فتبطل العلمية عنه).
قلنا: إن أراد أن اللفظ ينتقل عن الذات، ويصير اسما للمجموع المركب من الذات والصفة فممنوع، ولا ضرورة لذلك، والأصل عدم النقل، ويدل على ذلك أن الصفة قد تذهب، ولا يتغير ذلك الاسم، ولا يحتاج لنقل آخر لنفس الذات، ولا يصير اللفظ مجازا في تلك الذات بعد ذهاب الصفة، بل كل صفة تطرأ ويشتهر بها المحل أمكننا أن نقول لكل من شارك في تلك الصفة: إنه زيد، فنقول: عمر زيد، إذا اشتركا في السمن، وإن كان السمن قد يعقبه الهزال، والأسماء في أنفسها لا تتغير.
وإن أراد أن الاسم وضع لنفس الذات، ثم اتفق أن تلك الذات حدث لها أمر صارت مشهورة به، فصار لازما لتلك الذات، والاسم موضوع للملزوم دون اللازم، فنقول نحن في الذات الأخرى: إنها منزلة منزلة الذات الأولى ونستعير لها لفظا؛ لأن لازمها أشبه لازم الأخرى، فهذا حق، وليس فيه نقل الاسم عن عين الذات مع الصفة، بل التعبير بلفظ الذات عن ذات أخرى حصل لها مثل تلك الصفة العارضة للذات الأولى، وهذا لا يخرج اللفظ الأول عن علميته، ولا يبطل المجاز فيه لاندراجه في حد المجاز،