الثانية في تقرير العبارة في تلخيص أنها للحصر فنقول:(إن) للإثبات، و (ما) للنفي، فإذا اجتمعتا، ولم تبقيا على حالهما لزم التغيير، وإن بقيتا، أو انصرفتا للمنطوق، أو المسكوت، اجتمع النقيضان؛ فيتعين التوزيع، وإن انصرف النفي للمنطوق، والإثبات للمسكوت لزم خلاف الإجتماع، فيتعين العكس، وهو المطلوب، فهذه عبارة وجيزة في التقرير.
الثالثة: أن القاعدة: أن النفي والإثبات في لسان العرب، إنما ينصرفان للخبر بإجماع النحاة.
فإذا قلت: إن زيدا قائم، فالمثبت القيام لزيد لا نفس زيد، وليس زيد قائما، المنفي القيام عنه لا نفسه، ولذلك لزم الكفر إذا قرأ الإنسان:(ولم يكن له كفوا أحد)[الإخلاص:٤] برفع (كفوًا)، و (نصب أحد)؛ لأنك نفيت الأحدية عن الكفوية، فتكون الأكفاء كثيرة، وهو كفر، والنفي هاهنا ليس في الخبر، فإنك إذا قلت: إنما زيد قائم، فقائم هو الخبر، وهو مثبت، فقد انتقضت القاعدة في أن النفي لم يكن في الخبر، فهذا النقض نورده في موطنين:
أحدهما: إذا قال النحوي: النفي إنما يرد علي الأخبار، نورد عليه هذا النقض.
الثاني: إذا ادعى أحد أن (إنما) للحصر، وأن (ما) فيها للنفي، نقول له: لو كانت للنفي، لوردت على الخبر على القاعدة المنصوصة، وليس كذلك إجماعا لو كانت للنفي، لوردت على الخبر على القاعدة المنصوصة، وليس كذلك إجماعا فلا تكون (ما) هاهنا للنفي، فيحصل لك سؤال في هذا المقام، ولك جعله دليلا ابتداءا على أن (إنما) ليست للحصر، والجواب:
أن هذا مستثنى عن القاعدة.
الرابعة: أدوات الحصر خمسة: (إنما)، والنفي قبل (إلا) نحو: ماقام