الخامسة: أن الحصر مقسم إلى حصر الصفات في الموصوفات، وإلى حصر الموضوفات في الصفات، والصفات في الصفات.
فالأول كقولنا: العالم زيد.
والثاني: زيد العالم، ثم قال الغزالي في (المستصفى): إذا قلت: صديقي
تنحصر صداقتك فيه فلا تصادق غيره، ويجوز أن يصادق غيرك، وإذا قلت: زيد صديقي حصرته في صداقتك، فلا يصادق هو غيرك، وأنت يجوز أن تصادق غيره.
والثالث نحو قولك: الغنى القنوع، والغني في القناعة، والراحة في الزهد.
أي: وصف الغنى منحصر في القناعة والراحة منحصرة في الزهد، ومن هذا الباب قوله تعالى:(إنما يخشى الله من عباده العلماء)[فاطر:٢٨]، حصر الله تعالى الخوف منه في العلم والعلماد، فلا يخشاه إلا عالم به علي قدر علمه به، قل أو كثر، فأقل الناس علما أقلهم خشية، ويطرد ذلك في العامة والخاصة، فإن الجاهل بالشيء لا يخافه، هذا إذا قدم المنصوب، فلو أخر وقيل: إنما يخشى العلماء الله انحصر العلماء في الخشية له تعالى،
فلا يخشون غيره، ويجوز أن يخشاه تعالى غيرهم، وعلى الأول لا يخشاه غيرهم، ويجوز من جهة هذا اللفظ أن يخشوا غيره سبحانه وتعالى
قال سيف الدين: اختلفوا في قوله عليه السلام: (الأعمال بالنيات) وصديقي زيد، والعالم زيد.