القسم الثاني: ما يدل عليه بمعناه، وهو: الدلالة الالتزامية، وقد ذكرنا في الباب الثاني أقسام الدلالة الالتزامية.
القسم الثالث: ما يكون بحيث لو ضم إليه شيء آخر، لصار المجموع دليلا على الحكم، فنقول: ذلك الذي يضم إليه: إما أن يكون دليلا شرعيا، وهو نص، أو إجماع> أو قياس، أو يكون ذلك بشهادة حال المتكلم، فبهذه وجوه أربعة:
أحدها: أن ينضم إلى النص آخر؛ فيصير مجموعهما دليلا على الحكم، وله مثالان:
الأول: أن يدل أحد النصين على إحدى المقدمتين، والثاني على الثانية؛ فيحصل المطلوب؛ كقولنا: تارك المأمور عاص، لقوله تعالى:(أفعصيت أمري)[طه:٩٣] والعاصي يستحق العقاب؛ لقوله تعالى:(ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدود الله يدخله نارا خالدا فيها)[النساء:١٤]
الثاني: أن يدل أحد النصين على ثبوت الحكم لشيئين، ويدل النص الآخر على زن بعض ذلك لأحدهما؛ فوجب القطع بأن باقي الحكم ثابت للثاني؛ كقوله تعالى:(وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا)[الأحقاف:١٥] فهذا يدل على أن مدة الحمل والرضاع، ثلاثون شهرا، وقوله تعالى:(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)[البقرة:٢٢٣] فهذا يدل على أن مدة الرضاع سنتان؛ فيلزم أن تكون مدة الحمل ستة أشهر.
وثانيها: أن يضم إلى النص إجماع؛ كما إذا دل النص على أن الخال لا يرث ودل الإجماع على أن الخالة بمثابته.