الأول: أن صيغة (أفعل) موضوعة لطلب الفعل، وهذا الطلب:
إما الإرادة، أو غيرها، والثاني باطل، لأن الطلب الذي يغاير الإرادة: لو صح القول به، لكان أمرا خفيا لا يطلع عليه إلا الأذكياء، لكن العقلاء من أهل اللفة وضعوا هذه اللفظة للطلب الذي يعرفه كل واحد، وما ذاك إلا الإرادة، فعلمنا أن هذه الصيغة موضوعة للإرادة.
الثاني: أن إرادة المأمور به، لو لم تكن معتبرة في الأمر، لصح الزمر بالماضي، والواجب، والممتنع، قياسا على الخبر، فإن إرادة المخبر عنه، لما لم تكن معتبرة في الخبر، صح تعلق الخبر بكل هذه الأشياء
والجواب عن الأول: لا نسلم أن الطلب النفساني الذي يغاير الإرادة غير معلوم للعقلاء، فإنهم قد يأمرون بالشيء، ولا يريدونه، كالسيد الذي يأمر عبده بشيء ولا يريده، ليمهد عذره عند السلطان.
وعن الثاني: أنه لا بد من الجامع، وعلى أن القائل بتكليف ما لا يطاق يجوزه، والله أعلم.
المسألة الثانية: أن هذا الطلب معنى يقتضي ترجيح جانب الفعل على جانب الترك، أو جانب الترك على جانب الفعل.
وعلى التقديرين؛ فالترجيح قد يكون مانعا من الطرف الآخر، كما في الوجوب والحظر، وقد لا يكون؛ كما في الندب والكراهة.
والتفاوت بين أصل الترجيح وبين الترجيح المانع من النقيض تفاوت بالعموم والخصوص.