وأما أبو الحسين، فقال: اعتبارالاستعلاء أولى من اعتبار العلو، لأن من قال لغيره:(افعل) على سبيل التضرع إليه لا يقال: إنه أمره، وإن كان أعلى رتبة من المقول إليه.
ومن قال لغيره:(افعل) على سبيل الاستعلاء، لا على سبيل التذلل يقال: إنه أمره، وإن كان المقول له أعلى رتبة منه، ولهذا يصفون من هذا سبيله، بالجهل والحمق، من حيث أمر من هو أعلى رتبة منه.
واعلم: أن مدار هذا الكلام على صحة الاستعلاء، وأصحابنا يمنعون منه، والله أعلم.
المسألة السادسة: لفظ الأمر قد يقام مقام الخبر، وبالعكس: أما أن الأمر قد يقام مقام الخبر، فكما في قوله عليه الصلاة والسلام:(إذا لم تستح، فاصنع ما شئت) معناه: صنعت ما شئت.
وأما أن الخبر يقام مقام الأمر، فكما في قوله تعالى:
(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)[البقرة:٢٣٣](والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)[البقرة:٢٢٨]
والسبب في جواز هذا المجاز: أن الأمر يدل على وجود الفعل، كما أن الخبر يدل عليه أيضا، فينهما مشابهة من هذا الوجه، فصح المجاز، وأيضا يجوز إقامة النهي مقام الخبر، وبالعكس:
أما الأول: فكقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يتنكح اليتيمة حتى تستأمر) معناه: لاتنكحوها إلى غاية استئمارها.