جعلها مشتركة بين الوجوب، والندب، والإباحة، ومنهم من جعلها حقيقة لأقل المراتب، وهو الإباحة. والحق: أنها ليست حقيقة في هذه الأمور.
لنا: أنا ندرك التفرقة في اللغات كلها بين قوله: (افعل) وبين قوله: (إن شئت فافعل)، وإن شئت فلا تفعل) حتي إذا قّدرنا انتفاء القرائن كلها، وقدرنا هذه الصيغة منقولة على سبيل الحكاية عن ميت أو غائب، لا في فعل معين، حتى يتوهم فيه قرينة دالة، بل في الفعل مطلقا سبق إلى فهمنا اختلاف معاني هذه الصيغ، وعلمنا أنها ليست أسامي مترادفة على معنى واحد.
كما ندرك التفرقة بين قولهم:(قام زيد، ويقوم زيد) في أن الزول للماضي والثاني للمستقبل، وإن كان قد يعبر عن الماضي بالمستقبل، وبالعكس، لقرائن تدل عليه.
فكذلك ميزوا الأمر عن النهي فقالوا:(الأمر أن تقول: (افعل) والنهي أن تقول: (لاتفعل) فهذا أمر معلوم بالضرورة من اللغات، لا يشككنا فيه إطلاقه مع قرينة علي الإباحة أو التهديد.
فرن قيل: تدعى الفرق بين (افعل)، و (لا تفعل) في حق من يعتقد كون اللفظ موضوعا للكل حقيقة، أو في حق من لا يعتقد ذلك؟!
الأول ممنوع، والثاني مسلم.
بيانه: أن كل من اعتقد كون هذه اللفظة موضوعة لهذه المعاني، فرنه يحصل في ذهنه الاستواء.