سلّمنا قيام الدلالة وحصول الداعي، فلم قلت: إنه لا مانع؟
ثم نقول: المانع هو أن اللغات توقيفية، لا اصطلاحية، وإذا كان كذلك كانوا ممنوعين من وضع الألفاظ للمعاني.
سلّمنا قيام الداعي، وزوال المانع، فلم قلت بأنه يجب الفعل؟
ثم نقول: ما ذكرتموه من الدليل منقوض، ومعارض.
أما النقض: فلأن الحاجة إلى الحاجة إلى وضع لفظ يدل على الحال، ولفظ آخر يدل على الاستقبال على التعيين شديدة مع أنه لم يوجد ذلك في اللغة، وأيضا فأصناف الروائح مختلفة، والحاجة إلى تعريفها شديدة، مع أنه لم توضع لها ألفاظ مفردة، وكذا أصناف الاعتمادات متميزة، مع أنه لم توضع لها ألفاظ مفردة.
وأما المعارضة: فمن وجهين:
أحدهما: أن الوجوب، كما أنه معنى تشتد الحاجة إلى التعبير، عنه فكذا أصل الترجيح، أعني القدر المشترك بين الوجوب والندب.
والندب: معنى تشتد الحاجة إلى التعبير عنه، فوجب أن يضعوا له لفظا، ولا لفظ له سوى (افعل) فوجب كونه موضوعا له.
ومن قال: إنه للندب وحده، قال: الندبية معنى تشتد الحاجة إلى تعريفها، فلا بد من لفظ، ولا لفظ سوى هذا، فوجب كونه للندب.
ومن قال بالاشتراك قال: قد يحتاج الإنسان إلى التعبير عن أحد هذين