بالوجوب، بل لا دلالة فيها إلا على ترجيح جانب الفعل، وأما جواز الترك، فقد كان معلوما بالعقل، ولم يوجد ما يزيل ذلك الجواز.
فإذن: وجب الحكم بأنذلك الفعل راجح الوجود على العدم، مع كونه جائز الترك، ولامعنى للندب إلا ذلك.
والجواب عن الأول: أن نقول: لم لا يجوز أن يعرف ذلك بدليل مركب من النقل والعقل، مثل قولنا: تارك المأمور به عاص، والعاصي يستحق العقاب، فيستلزم العقل من تركيب هاتين المقدمتين النقليتين، أن الأمر للوجب.
سلمناه، فلم لا يجوز أن يثبت بالاحاد، ولا نسلم أن المسألة قطعية؟ وقد بينا أنه لا يقين في المباحث اللغوية.
وعن الثاني: أن عندنا أن السؤال يدل على الإيجاب، وإن كان لا يلزم منه الوجوب، فإن السائل قد يقول للمسئول منه:(لا تخل بمقصودي، ولا تتركه، ولا تخيب رجائي) فهذه الألفاظ صريحة في الإيجاب، وإن كان لا يلزم من هذا الإيجاب الوجوب.
وعن الثالث: أن المجاز، وإن كان على خلاف الأصل، لكنه قد يوجد، إذا دل الدليل عليه، وقد ذكرنا أن الدليل دل على كونها للوجوب، فوجب المصير إليه، والله أعلم.
المسألة الثانية
قال القرافي: قوله: (لنا قوله تعالى لإبليس: (مامنعم ألا تسجد إذ أمرتك ([الأعراف: ١٢].