ليخرج عن عهدة الفعل، فإنه إن فعله بنية الندب لا يجزئه على تقدير كونه واجبا.
قوله:(العلم بكون الصيغة للوجوب إما أن يكون عقليا زو نقليا والأول باطل لأن العقل لا مجال له في اللغات)
تقريره: أن العقل لا يستقل إلا في ثلاث مواطن:
إيجاب الواجبات.
واستحالة المستحيلات.
وجواز الجائزات.
وأما وقوع أحد طرفي الجائز فلا يستقل به لا بد معه من قرينة من الحس أو غيره، ووضع اللفظة المعينة للمعنى المعين فمن قبيل الجائزات ولا يستقبل العقل به.
ومراده: أن العقل لا مجال له في اللغات أي على سبيل الاستقلال، وإلا فلا بد من العقل في اللغات أو غيرها، ومتى فقد العقل لا يحصل الشعور بشيء من هذه العلوم ألبتة، وهذه حجة القاضي أبي بكر، وقد كررها في كتبه رحمه الله في عدة مواضع أن الزمر للوجوب، والصيغة للعموم، والأمر للتكرار، والفور، ونحو ذلك، وتناقلها الناس بعده.
قوله:(التواتر باطل، وإلا لعرفه كل أحد بالضرورة)
قلنا: لا نسلم أنه يلزم من التواتر حصول العلم للكل، لأن التواتر قد يختص بالبعض، بل المدينة الواحدة قد يتواتر في جامعها سقوط المؤذن من المنار، ولا يعلم بقية أهل المدينة خارج الجامع ذلك، وإذا كان ذلك في المدينة الواحدة، فأقطار الدنيا أولى بذلك، والعلماء يقولون: إن مسائل