للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالثها: أن الأمر لو لم يفد التكرار، لما جاز ورود النسخ عليه، ولا الاستثناء، لأن ورود النسخ على المرة يدل على البداء، وورود الاستثناء عليها يكون نقضا.

ورابعها: أنه ليس في لفظ الأمر تعيين زمان، فلا يكون اقتضاؤه لإقاع الفعل في زمان أولى من اقتضائه لإيقاعه في زمان آخر، فإما ألا يقتضي إيقاعه في شيء من الأزمنة وهو باطل، زو في كل الأزمنة وهو المطلوب.

وخامسها: أن الاحتياط يقتضي تكرار المأمور به، لأنه بالتكرار يأمن من الإقدام على مخالفة أمر الله تعالى، وبترك التكرار لا يأمن منه، لاحتمال أن يكون ذلك الأمر للتكرار، فوجب حمله على التكرار، دفعا لضرر الخوف على النفس.

وأما القائلون بالإشتراك بين المرة الوحيدة، وبين التكرار: فقد احتجوا بوجهين:

أحدهما: أنه يحسن الاستفهام فيه، فيقال: أردت بأمرك فعل مرة واحدة أم أكثر؟ ولذلك قال سراقة للنبي صلى الله عليه وسلم: أحجتنا لعامنا هذا أم للأبد؟ وحسن الاستفهام دليل الاشتراك

وثانيهما: ورود الأمر في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على الوجهين، والأصل في الكلام الحقيقة، فكان الاشتراك لازما.

والجواب عن الأول: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. بين للصحابة أن قوله: (أقيموا الصلاة) (واتركوا الزكاة) يفيد التكرار، فلما كان ذلك معلوما للصحابة، لا جرم تمسك الصديق بهذه الآية في وجوب التكرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>