وقت عن وجوب المأمور به، إذ ليس في اللفظ إشعار بوقت معين، فليس حمله على البعض أولى من الباقي، لكن حمله على كل الأوقات غير جائز.
أما أولا: فبالإجماع.
وأما ثانيا: فلأنه إذا أمر بعبادة، ثم أمر بغيرها، لزم أن تكون الثانية ناسخة للأولى، لأن الأول قد استوعب جميع الأوقات، والثاني يقتضي إزالته عن بعضها، والنسخ هو: إزالة الحكم بعد ثبوته إلى بدل، وقد حصل ذلك هاهنا، وفي علمنا بأن الأمر ببعض الصلوات ليس نسخا لغيرها، وأن الأمر بالحج ليس نسخا للصلاة، ما يدل على فساد ما قالوا.
وأما ثالثا: فلأنه يلزم أن يكون الزمر بغسل بعض أعضاء الوضوء نسخا لما تقدمه، والزمر بالصلاة يكون نسخا للأمر بالوضوء وذلك لا يقوله عاقل.
ورابعها: أنّا نعلم حسن قول القائل لغيره: (افعل كذا أبدا، أو افعله مرة واحدة بل زيادة) فلو دل الأمر على التكرار، لكان الأول تكرارا، والثاني نقضا، ولما لم يكن كذلك بطل ما قالوا.
احتج القائلون بالتكرار بوجوه:
أحدها: أن الصدّيق رضي الله عنه تمسك علي أهل الردة في وجوب تكرار الزكاة بقوله تعالى: (وأتوا الزكاة)[البقرة:٤٣] ولك ينكر عليه أحد من الصحابة، فدل على انعقاد الإجماع، على أن الأمر للتكرار.
وثانيها: أن الأمر طلب الفعل، والنهي طلب الترك، فإذا كان النهي الذي هو أحد الطلبين يفيد التكرار، فكذا الآخر.