للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموت له، معروض النسخ له، لأن كليهما مانع صرف عن التكليف، وعلم الله تعالى بالناسخ لا يمنع التكليف كما اتفق في قصة إبراهيم وإسحاق عليهما السلام، وكذلك من مات في نصف القامة بعد الزوال لا نقول: نشأ عدم الوجوب عليه، بل نقول بينا أنه لم يقدر له فعل الواجب، فإنه لا يؤاخذ بتركه بعذر عرض له وهو الموت، كطريان الجنون عليه وغيره، بطريان الموانع، وعلم الله تعالى بها لا يقدح في تعلق الوجوب بالشخص في نفس الأمر.

سلمنا أنه يقدح لكن ترك الظواهر لقيام المعارض لا يقدح في كونها مقتضية عند عدم المعارض، فنقول: يجب عليه ظاهرا حتى يمنع مانع، ويحرم عليه حتى يمنع مانع، ولا عذر في ذلك.

قوله: (إن كانت الغاية مجهولة يلزم تكليف ما لا يطاق)

قلنا: لا نسلّم، بل تكليف بما يطاق، وإنما يلزم ما لا يطاق لو كلف بألا يوخر عنها، ويجوز لك التعجيل قبلها، فيعجل قلبها ويخلص وكل شيء للمكلف أن يفعله بطريق من الطرق لا يقال فيه: إنه تكليف ما لا يطاق، وإنما ذلك في المتعذر بكل الطرق.

قوله: (يجب اعتقاد موجب الأمر على الفور، فيقول: أحد موجبي، وأحدهما واجب على الفور، فيجب الآخر قياسا عليه)

قلنا: لنا قاعدة، وهي أن اللفظ إذا وضع لمعنى صار بينه وبين ذلك المعنى ملازمة ذهنية عند العالم بالوضع، فإذا سمع اللفظ انتقل ذهنه بالضرورة لذلك المعنى وإن كره، وحينئذ نقول: لا نسلم أنه يجب اعتقاد موجب الأمر على الفور، لأن حصول المسميات التي للألفاظ إذا كانت تقع في ذهن السامع اضطرارا لا يقع بها تكليف ولا وجوب ولا غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>