للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا تعلق التكليف به، لكن حصول المسمى عليه في الذهن على الفور مشترك فيه بين الأوامر، والنواهي، والأخبار، وجميع الحقائق، فلو كان بين الاعتقاد ووجوب الفعل ملازمة لوجب موجب الخبر أن يتعجل لتعجل اعتقاده، وكذلك في الإباحة وغيرها، وهو خلاف الإجماع، فبطلت الملازمة حينئذ بين اعتقاد المسمى وتعجيله، فلا يثبت في صورة النزاع كسائر الصور، وبهذا يظهر أن إطلاق اللفظ موجب لتعجل اعتقاد مسماه في الذهن وليس موجبا لوقوع مسماع في الخارج بدليل الصورة المذكورة.

والفرق بينهما: أن الوضع أوجب الملازمة بين السماع والاعتقاد، ولم يوجب الملازمة بين السماع والوقوع في الخارج، فوجوب الملازمة منفيّ في الوقوع في الخارج، فلا يقاس ما لا موجب فيه على ما له موجب من جهة الوضع، ثم إن الإعتقاد حصوله في الذهن على الفور شيء أنشئ عن الوضع، ولم يجعل مسمى اللفظ والوجوب على الفور عند الخصم مسمى اللفظ، فلا يستقيم.

قوله: (أحد موجبي اللفظ) بل أحدهما موجب اللفظ وهو الفعل والاخر موجب الوضع لا اللفظ، فتأمل ذلك تأملا جيدا تجده إن شاء الله تعالى.

قوله: (يقتضي الفور قياسا على صيغ العقود في البيع بجامع أن كل واحد منهما استدعاء للفعل بالقول)

قلنا: لا نسلم أن العقود فيها استدعاء، لأن الاستدعاء هو الطلب وقول القائل: (بعت) هو إنشاء لانتقال الملك ولا طلب فيه، وأي شيء طلب من المشتري، وإنما يتعلق الطلب بفعل من الأفعال، ونحن نجد أن المشتري لا يفعل للبائع شيئا يمقتضى صيغة البيع ولا يمكن أن يقال? إنه وجب عليه دفع الثمن لأنا نقول: ذلك لم يكن بطلب البائع إنما كان بسبب أن عقد البيع أوجبه له أروش الجنايات، وقيم المتلفات أوجبتها الأسباب، ثم بعد ذلك لمستحقها أخذها أو تركها، ثم نقول: عقود الإنشاء إنما أوجبت الحكم على الفور، لأنها أسباب، وشأن السبب أن يستعقب مسببه، والصيغ

<<  <  ج: ص:  >  >>