ليست أسبابا للنقل إجماعا، وإلا لكان قول السيد لعبده: أسرج الدابة يقتضي ذلك أن يحصل الإسراج، وإن لم يفعل العبد شيئا، كما يحصل الملك بمجرد لفظ العقد، وإن لم يحدد أحد شيئا، فافترقا.
قوله:(ولأن الأمر ضد النهي، والنهي يقتضي الإنتهاء على الفور، وكذلك الأمر)
تقريره: أن العرب تحمل الشيء على ضده كما تحمله على شبهه، كما نصبت بـ (لا) النافية إلحاقا لها (بأن) المؤكدة المثبتة وهي ضدها، وحملت (الغدايا) على (العشايا) في الجمع، ونظائره كثيرة، فلذلك قاس الخصم الأمر على النهي.
قوله:(الأمر بالشيء نهي عن تركه، والانتهاء واجب في الحال وهو لا يمكن إلا بالإقدام على الفعل في الحال، فيكون الأمر على الفور)
قلنا: النهي إنما يقتضي الانتهاء في الحال إذا كان نهيا مطابقة، أما التزاما فلا، لأن العرب تفرّق بين الحاقائق المقصودة بالذات، والمقصودة تبعا، ألا ترى أن الخبر يدخله التصديق والتكذيب إذا كان أصلا، والخبر اللازم للأمر في وقوع العقاب على تقدير المخالفة لا يدخله التصديق والتكذيب إذا كان أصلا، والخبر اللازم للأمر في وقوع العقاب علي تقدير المخالفة لا يدخله التصديق والتكذيب، وإن كان آمر مخبرا بذلك، لكنه لما كان خبرا تبعا لم يحسن تصديقه ولا تكذيبه، وكذلك الإثبات إذا لم يكن مقصودا، وظهر خلافه لا يكون فيه كاذبا، كما لو قال لغريمه: ليس عندي إلا درهمان، يقصد التقليل، وظهر أن عنده درهما لا يكذبه أحد، وإن كان الاستثناء من النفي إثباتا، لكن لمّا لم يكن الإثبات هاهنا مقصودا وإنما المقصود النفي، لا جرم لم يعد كاذبا وإن كان إخباره عن الإثبات لم يطابق، ولذلك لا يحنثه الشرع إذا حلف [في ذلك، فالحاصل أنا نمنع أن النهي اللازم للأمر يقتضي الانتهاء، فالحال وهذه النظائر مستند المنع].