للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (اتفقنا على أنه لو فعل على الفور وقع لموقع)

قلنا: القائل: إن الأمر موضوع للتراخي يمنع ذلك.

قوله: (لعل ذلك الأمر كان مقرونا يمقتضى الفور)

قلنا: الأصل عدم ذلك حتى يتبين في الواقعة ما يدل عليه.

قوله: (وسارعوا إلي مغفرة من ربكم) [آل عمران: ١٣٣] مجاز من ذكر المغفرة فإراد ما يقتضيها)

تقريره: أن القاعدة الشرعية أن التكليف إنما يقع بمقدور، ومكتسب، فمتى علق الأمر على غير مكتسب تعين صرفه لسببه تارة ولآثاره أخرى صونا للكلام عن الإلغاء، مثال ما يتعين حمله على سببه: قوله تعالى: (ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون) [آل عمران:١٠٢:] أي تسببوا بتقديم الإيمان عاجلا حتى يأتي الموت عليكم وأنتم كذلك، وإلا فالنهي عن الموت نتعذر، وتكليف الميت محال، وقوله تعالى: (فطلقوهن لعدتهن) [الطلاق].

الطلاق تحريم، والتحريم حكم الله تعالى قديم قائم بذاته، يستحيل التكليف به، فيتعين صرفه لسببه وهو أضداد الصيغة في الوجود، وقوله تعالى: (لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى) [النساء:٤٣]

أي اجتنبوا الأسباب التي تفضي بكم إلى حضور الصلاة وأنتم سكارى.

وأما ما يتعين صرفه لأثاره، فقوله تعالى: (اجتنبوا كثيرا من الظن) [الحجرات:١٢] مع زن الظن يهجم على النفس اضطرارا، فلا يمكن اجتنابه، فيتعين حمله على آثاره من الحديث بمقتضى ذلك الظن أو الطعن في الأعراض، وغير ذلك من آثار ذلك الظن، وقوله تعالى: (ولاتأخذنكم بهما رأفة في دين الله) [النور:٢] والرأفة في القلب تهجم على القلب عند رؤية المؤلمات قهرًا، فيتعين صرفه لآثار الرأفة وهي تنقيص الحدود، ولذلك قاله ابن عباس: فكذلك هاهنا المغفرة صنع الله تعالى لا مدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>