العدد على كل حال، أو لا يدخل تحته على كل حال، أو يدخل تحته تارة، ولا يدخل أخرى:
ومثال الأول: أن يبيح الله تعالى لنا جلد الزاني مائة، فإنه يدل على إباحة جلد خمسين، لأن الخمسين داخلة في المائة.
ومثال الثاني: أن يبيح الله عز وجل لنا أن نحكم بشهادة شاهدين، فإنه لا يدل على إباحة الحكم بشهادة الواحب، لأن الحكم بشهادة الشاهد الواحب غيد داخل تحت الحكم بشهادتين.
ومثال الثالث: أن يبيح لنا استعمال القلتين من الماء، إذا وقعت فيهما نجاسة، فإنه قد أباح لنا استعمال القلة من هاتين القلتين، ولا يدل على إباحة استعمال قلة واحدة، إذا وقعت فيها نجاسة، لأن القلة الواحدة، إذا وقعت فيها نجاسة غير داخلة تحت قلتين، وقعت فيهما نجاسة.
أما إئا حظر الله تعالى علينا عددا مخصوصا: فإنه يختلف أيضا، فربما دل على حظر ما دونه من طريق الأولى، لأنه حظر استعمال القلتين، إذا وقعت فيهما نجاسة، فحظر القلة الواحدة أولى، أما لو حظر الله تعالى علينا جلد الزاني مائة، لم يدل على أن ما دونه محظور.
وأما إذا أوجب الله تعالى جلد الزاني مائة، فإنه يدل على وجوب جلد خمسين؛ لأنه لا يمكن فعل الكل إلا بفعل الجزء، ولكنه ينفي قصر الوجوب على الجزء، فثبت أن قصر الحكم على العدد لا يدل على نفيه عما زاد أو نقص إلا لدليل منفصل.