ومراده بالأثر: المدلول، وحصول الدليل بدون المدلول جائز، لكنه مرجوح، ويترجح أنه أراد غير التأكيد، لأنه جعل الوجه الثاني هو لتأكيد فيلزم أن يكون الوجهان وجها واحدا لولا أنه يريد التعذر العقلي فأحد الأمرين يلزمه إما إبطال دعواه، أو اتحاد الدليلين.
قوله:(الشيء لا يعطف علي نفسه):
قلنا: أما إذا اتحد اللفظ فمسلم، وأما إذا تعذر فيجوز كما قال الله تعالى عن يعقوب عليه السلام:(إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)[يوسف:٨٦] والحزن: البث، وقوله:(عسر ويسر)، قالوا: معناهما واحد، وحسن العطف للمغايرة في اللفظ
قوله:(معناهما حمله على التعدد أولى).
تقريره: أن (لام الجنس) كثر التجوز بها في العهد، وبيان حقيقة الجنس دون استغراقه كقوله لعبده:(اشتر لنا اللحم والفحم) يريد من هذين: لا يقصد معينا، ولا اتغراق جميع الأفراد، وتكون زائدة، نحو قول الشاعر [الطويل]:
يقول الخنى وأبغض العجم ناطقا ... إلي ربنا صوت الحمار اليجدع
وتكون للمح الصفة كدخولها في الفضل والعباس
وللموازنة في الكلام نحو: هذا الرجل؛ ليستويا في صورة التعريف، وللتزين نحو قولهم: دل الدليل على كذا، وليس المراد إلا دليلا في الجملة، غير أن (اللام) في الكلام كالخلقة في الأجسام، فأتى بها لذلك وإن أكثر التجوز بها، والواو العاطفة لم يكثر التجوز بها، لذلك فالأقل مجاز الراجح.