وأما المعترفون بالواجب الموسع، وهم جمهور أصحابنا وأبو علي، وأبو هاشم، وأبو الحسين البصري فقد اختلفوا فيه على وجهين:
منهم من قال: الوجوب متعلق بكل الوقت، إلا أنه إنما يجوز ترك الصلاة في أول الوقت إلي بدل هو العزم عليها، وهو قول أكثر المتكلمين.
وقال قوم: لا حاجة إلي هذا البدل، وهو قول أبي الحسين البصري وهو المختار لنا.
والدليل على تعلق الوجوب بكل الوقت: أن الوجوب مستفاد من الزمر والأمر تناول الوقت، ولم يتعرض ألبتة لجزء من أجزاء الوقت؛ لأنه لو دل الأمر علي تخصيصه ببعض أجزاء ذلك الوقت، لكان ذلك غير هذه المسألة التي نحن نتكلم فيها.
وإذا لم يكن في الأمر دلالة على تخصيص ذلك الفعل بجزء من زجزاء ذلك الوقت، وكان كل جزء من أجزاء الوقت قابلا له وجب أن يكون حكم ذلك الأمر هو إيجاب إيقاع ذلك الفعل في أي جزء من أجزاء ذلك الوقت أراد المكلف وذلك هو المطلوب.
فإن قيل: لا نسلم إمكان تحقق الوجوب في أول الوقت، والتمسك بلفظ الأمر، إنما يكون إذا لم يثبت بالدليل العقلي امتناعه وهاهنا قد ثبت ذلك؛ لأن كونه واجبا في ذلك الوقت معناه: أن المكلف ممنوع من ألا يوقعه فيه، والمكلف غير ممنوع من ألا يوقع الصلاة في أول