وخصيصة الوجوب المؤاخذة على تقدير الترك، ولم نجدها إلا آخر الوقت فوجب اختصاص الوجب بآخر الوقت.
ويرد عليه أمران:
أحدهما أنه لا ينافي مذهب الجمهور، فإنهم لما قالوا: الوجوب يتعلق بالمشترك بين آخر الوقت، والمشترك لا يتعين إخلاؤه عن الفعل إلا بإخلاء الجميع، فلا جرم لم تخصل المؤاخذة على الترك إلا بذلك.
وثانيهما: أن الفرق كلها أجمعواعلى جواز التعجيل والتأخير، فيكون التعجيل كما قالت الحنفية نفلا سد مسد الفرض، وإجزاء النفل عن الفرض على خلاف الأصول، والكرخي هو من الحنفية.
واستشكل إجراء النفل عن الفرض، فاختار مذهبا آخر، وهو أن الفعل يقع موقوفا، فإن أتى آخر الوقت وهو مكلف قضى عليه بالوجوب، فسد الواجب مسد الواجب ولم يقم نفل مقام فرض، وإن لم يكن من المكلفين فهو نقل لعدم تحقيق الوجوب.
ويرد عليه أن صلاة لا توصف بفرض ولا نفل خلاف المعهود في الشرع، وككيف ينوي هذه الصلاة، ويؤنس ما قاله بعض الفقهاء في إعادة الصلاة في جماعة أنه لا ينوي بها فرضا ولا نفلا، بل ذلك إلى الله تعالى وهو أحد الأقوال الأربعة فيها.
ولو قال الكرخي: إن أوقع الصلاة آخر الوقت في واجبة، وإن أوقعها قبل آخر الوقت فهي نفل تمنع من تعليق خطاب الوجوب به لاتجه؛ فإن الوجوب قد يندفع بالموانع كالموت في وسط الوقت، أو الإغماء، أو النوم، وإذا اندفع في حق من لم يفعل، فأولى في حق من فعل صورة الصلاة، وأقرب من الذي حكاه عنه الإمام