نقول: الأمر هذا لا العرض له، إنما العرض بالإيجاب لطلب السقي فقط دون الحالات، وهو من حيث هو ممكن، فما كلفت بغير المقدور عليه.
قوله:(مخالفة الظاهر: إثبات ما ينفيه الظاهر، أو نفي ما يثبته الظاهر، أما ما لا يتعرض له الظاهر ألبتة، فليس مخالفة له)
تقريره: أما الأول: فكقوله تعالى: (فلا رفث ولا فسوق)[البقرة:١٩٧]، فمن أثبت بعض أنواع الرفث، فقد أثبت ما ينفيه الظاهر.
وأما الثاني: فكقوله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا)[البقرة:٢٧٥]، فمن قال: إن بيعا ليس حلالا فقد نفي ما أثبته الظاهر.
مثال الثالث: قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير)[المائدة:٣]، فلما ورد قوله عليه السلام:(كل ذي ناب من السباع حرام)، لا يكون ذلك مخالفة للظاهر؛ لأنه لم ينفه ولم يثبته.
قوله: لو قيل: إن لفظ تعرض لها بالإثبات لم يبعد؛ لأن إيجاب الملزوم يدل بالالتزام على إيجاب لازمه، والشروط لوازم، فيدل اللفظ عليها التزاما، فيكون هذا الجواب أقوى في نفي مخالفة الظاهر من جهة أنا أثبتنا ما أثبته الظاهر، فهو أولى بعدم المخالفة من قولنا: أثبتنا سببا لم يتعرض له الظاهر، بخلاف إخراج بعض الأحوال عن عموم اقتصاء اللفظ بجميعها يكون ذلك تخصيصا للعام، وتخصيص العام مخالفة للظاهر.