اللازمة، وكذلك أن الخبر التابع للأمر والنهي في أن التارك يستحق العقاب، أو الفاعل الذي لايدخله التصديق والتكذيب، والخبر المتأصل يدخلانه، وكذلك النهي اللازم للأمر لايقتضي إستيعاب الأزمنة ولا التكرار، وإلا لزم دوام المأمور به، والنهي المتأصل يقتضي ذلك، وقد تقدم بسطه فهاهنا النهي تابع، فأمكن ألا يشترط فيه مايشترط في النهي المتأصل أن يكون منهيه من جنس المقدور.
وثانيهما: أن اختيار النقيض لازم للمأمور به قطعاً، وإذا كان لازماً للمأمور به كأن الأمر دالاً عليه بطريق الإلزام.
قلت: الجواب عن الأول أن قولك: نهي عن النقيض إن أردت به تعلق الطلب بالنقيض وبالضرورة المطلوب لابد أن يكون مقدوراً، وإن أردت مطلق الدلالة من غير طلب، فلا تقولوا: نهى عن نقيضه؛ لأن النهي ظاهر في الطلب، بل قولوا: دال على أن فعل المأمور يلزمه ترك نقيضه.
وعن الثاني: أن الدلالة مسلّمة إنما الإشكال في كونه منهيا عنه، فعبارة الأصحاب أولى من هذه العبارة.
قوله:"لنا مادل على وجوب الشيء دل على ماهو من ضرورته إذا كان مقدورا للمكلف".
قلنا:(دلّ) أعم من أنه (نهى)، فنحن نسلم الدلالة ونمنع كونه منهيًا عنه فإن الطلب لسقي الماء يلزم مطلوبه تعلّق قدرة الله تعالى بخلق ذلك، ولا يمكن أن يقال: إن العبد المأمور مأمور بأن يصيّر قدرة الله تعالى متعلقة بذلك الفعل، وإن كان لازما بالضرورة، فعلمنا أن الدلالة أعم من النهي، وأنه لايلزم من تسليمها تسليم النهي، ثم قولكم: إذا كان مقدورًا للمكلف يناقض ما تقدم من قولكم: نقيض المأمور به، ولم تقولوا: ضده كما قال الأصحاب؛ فإن العدم الصرف ليس مقدوراً للقدرة القديمة فضلاً عن الحادثة.