ففاتت، وكانت مساعيه على وفق الأمر عادة فيثاب، وإن فاتت المصلحة؛ لأجل أنه ساعٍ في الطاعة عادة، بخلاف الجالس في السوق لا يعد في العادة إلا معرضاً.
وخامسها: قوله "وجه فعل المأمور به مستقل بتعلق الطلب قولاً وقصداً ":
قلنا: ذلك ممنوع، بل لا يتصور الطلب مع القصد للمأمور به، وهو مشعر بالضد ولا يقصد، فلا يستقل القصد، وكذلك لا يستقل اللفظ؛ لأن دلالة الالتزام على الضد ملازمة لدلالة اللفظ مطابقة على المأمور به، فلا يصادر على ذلك.
وسادسها: قوله: "كيف يستقيم قول المصنف: الطلب الجازم من ضروراته المنع مع تسليمه الأمر بالنقيضين".
قلنا: يستقيم لأن تجويزه ذلك إنما هو باعتبار الأحكام الربانية، لا باعتبار الأوضاع اللغوية، فهو يدعي أن اللفظ وضع لمعنى المنع جزؤه، ولا تناقض بين الوضعين، إذ الوضع اللغوي ليس واقعاً على كل ما هو جائز في الأحكام الإلهية، بل العرب إنما وضعت الألفاظ لما يمكن طلبه عادة.
سلمنا: إتحاد البابين، لكن التجويز لا يلزم منه الوقوع، فقد يجوز الشيء، ويكون الواقع خلافه كما يجوز في كل لفظة أن تكون موضوعة لغير مسماها ومع ذلك، فالواقع خلافه.
وسابعها: قوله: "يلزم المصنف على أن المنع من الإحلال جزء ماهية الإيجاب أن يتعلق ذلك الجزء بما يتعلق الإيجاب؛ لأن جزء المتعلق متعلق بما تعلق المتعلق الذي هو مركب من ذلك الجزء وغيره، كما أن جزء الخبر عن قيام زيد خبر عن قيام زيد، فإن قيام زيد فيه مطلق الخبر، وخصوص هذا الخبر، فيلزم أن يكون المنع متعلقاً بالفعل، فيكون الفعل مطلوباً، محرما، وهو محال".