وإن كان هو الترجيح المانع من النقيض، فلا؛ لكنا لما بينا أن الأمر للوجوب كان الحق هو التفسير الثاني.
الفرع الثاني: اختلفوا في أن المندوب، هل يصير واجبا بعد الشروع فيه؟
فعند أبي حنيفة رحمة الله عليه: أن التطوع يلزم بالشروع.
وعند الشافعي رضي الله عنه: لا يجب.
لنا: قوله عليه الصلاة والسلام: (الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر)
ولأنا نفرض الكلام فيما إذا نوى صوما، يجوز له تركه بعد الشروع.
فنقول: يجب أن يقع الصوم على هذه الصفة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:(ولكل امرئ ما نوى).
وتمام الكلام في هذه المسألة مذكور في الخلافيات.
الفرع الثالث: المباح، هل هو من التكليف أم لا؟
والحق أنه: إن كان المراد بأنه من التكليف هو أنه ورد التكليف بفعله، فمعلوم أنه ليس كذلك وإن كان المراد منه أنه ورد التكليف باعتقاد إباحته، فاعتقاد كون ذلك الفعل مباحاً - مغاير لذلك الفعل في نفسه، فالتكليف بذلك الاعتقاد لا يكون تكليفاً بذلك المباح.
والأستاذ أبو إسحاق سماه تكليفاً بهذا التأويل؛ وهو بعيد مع أنه نزاع في محض اللفظ.