للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمنا أن ما ذكرته يقتضي امتناع صدور الإيمان من الكافر؛ لكنه معارض بوجوه دالة على أن الإيمان في نفسه ممكن الوجود:

الأول: ان الإيمان كان في نفسه ممكن الوجود، فلو انقلب واجبا؛ بسبب العلم، لكان العلم مؤثرا في المعلوم، وهو محال؛ لان العلم يتبع المعلوم، ولا يؤثر فيه.

الثاني: لو كان ما علم الله تعالى وجوده، واجب الوجود، وكل ما علم الله تعالى عدمه، يكون واجب العدم - لزم ألا يكون الله تعالى قادرا على إيجاد شيء؛ لأن الشيء لا ينفك من أن يقال: إن الله تعالى علم وجوده، أو علم عدمه.

وعلى التقديرين: يكون واجبا، والواجب لا قدرة عليه البتة؛ فلزم ألا يقدر الله تعالى على شيء؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

الثالث: لو كان ما علم الله وجوده، واجب الوجود، وما علم عدمه، يكون واجب العدم - لزم ألا يكون لنا اختيار في فعل شيء اصلا، وان تكون حركاتنا بمنزلة تحريك الرياح للأشجار؛ من حيث إنه لا يكون باختيارنا، لكنا نعلم بالضرورة أن ذلك باطل؛ لانا ندرك تفرقة ضرورية بين الحركات الحيوانية الاختيارية، والجمادية الإضطرارية.

الرابع: أنه لو كان كذلك، لكان العالم واجب الوجود في الوقت الذي علم الله تعالى وقوعه فيه، والواجب يستغني عن المؤثر؛ فيلزم استغناء حدوثه عن المؤثر، فيلزم ألا يفتقر حدوث العالم، ولا شيء من الأشياء إلى القادر المختار؛ وذلك كفر.

الخامس: أن تعلق العلم به إما أن يكون سببا لوجوبه، أو لا يكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>