للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: حاصل الأمر بالمحال عندنا هو: الإعلام بنزول العقاب؛ وذلك لا يتصور إلا في حق الفاهم.

الدليل الثاني: أن الله تعالى اخبر عن اقوام معينين: أنهم لا يؤمنون،

وذلك في قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} [البقرة: ٦]

وقال تعالى: {لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون} [يس: ٧].

اذا ثبت هذا، فنقول: أولئك الأشخاص، لو آمنوا، لانقلب خبر الله تعالى الصدق، كذبا، والكذب على الله محال: إما لأدائه الى الجهل، أو إلى الحاجة؛ على قول المعتزلة، او لنفسه؛ كما هو مذهبنا، والمؤدي إلى المحال محال؛ فصدور الإيمان عن أولئك الأشخاص محال، وتمام هذا التقرير ما تقدم.

الدليل الثالث: أن الله تعالى كلف أبا لهب بالإيمان، ومن الإيمان تصديق الله تعالى في كل ما اخبر عنه، ومما أخبر عنه: أنه لا يؤمن، فقد صار مكلفا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن أبدا، وهذا هو التكليف بالجمع بين الضدين.

الدليل الرابع: أن صدور الفعل عن العبد يتوقف على داعية يخلقها الله تعالى، ومتى وجدت تلك الداعية، كان الفعل واجب الوقوع، واذا كان كذلك، كان الجبر لازما، ومتى كان الجبر لازما، كانت التكاليف بأسرها تكليف ما لا يطاق.

وإنما قلنا: إن صدور الفعل من العبد يتوقف على داعية يخلقها الله تعالى؛ لأن العبد لا يخلو: إما أن يكون متمكنا من الفعل والترك، أو لا يكون كذلك: فإن كان الأول: فإما أن يكون ترجح الفاعلية على التاركية موقوفا على مرجح، أو لا يكون:

<<  <  ج: ص:  >  >>