للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن توقف، فذلك المرجح، إن كان من فعل العبد، عاد التقسيم فيه، ولا يتسلسل، بل لا بد وأن ينتهي إلى داعية، ليست من العبد؛ من الله تعالى، وهو المقصود.

وإن لم يتوقف على مرجح، فقد ترجحت الفاعلية على التاركية، لا لمرجح، وهو محال؛ لأن ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر، لو جاز أن يكون، لا لمرجح، لجاز في كل العالم أن يكون كذلك؛ وحينئذ لا يمكن الاستدلال بجواز العالم على وجود الصانع؛ وهو محال.

فإن قلت: لم لا يجوز أن يقال: القادر وحده يكفي في ترجيح أحد الطرفين على الآخر؟

قلت: قول القائل: "إنما ترجح أحد الطرفين على الآخر؛ لأن القادر رجحه" مغالطة؛ لأنّا نقول: هل لقولك: "القادر رجحه" مفهوم زائد على كونه قادرًا، وعلى وجود الأثر، أو ليس له مفهوم زائد؟!

فإن كان له مفهوم زائد؛ فحينئذ يكون صدور أحد مقدوري القادر عنه دون الآخر موقوفًا على أمر زائد، وذلك هو القسم الأول الذي بينّا أنه يفضي: إما إلى التسلسل، أو إلى مرجح يصدر من الله تعالى.

وإن لم يكن له مفهوم زائد، صار معنى قولنا: "القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر من غير مرجح" إلى أن القادر يستمر كونه قادرًا مدة من غير هذا الاثر، ثم إنه وجد هذا الأثر بعد مدة من غير أن يحصل لذلك القادر قصد إليه، وميل إلى تكوينه، وذلك معلوم الفساد بالضرورة.

ومنشا المغالطة في تلك اللفظة: هو أن قول القائل: " القادر يرجح لكونه

<<  <  ج: ص:  >  >>