قوله:"إيمان الكافر يفضي إلى انقلاب العلم جهلًا؛ لأن العلم يتعلق بالشيء المعلوم إلى آخره".
تقريره: أن علم الله تعالى بعصيان (زيد) بترك الإيمان فرع تقرر عصيانه بترك الإيمان؛ لأن العلم والخبر تابعان لتقرير متعلقهما في (فواته) ماضيًا أو حاضرًا أو مستقبلًا، وعصيانه بترك الإيمان فرع الأمر بالإيمان، فيكون العلم بعدم الإيمان فرع الأمر بمراتب الإيمان، ويكون الأمر شرطًا في تعلق ذلك العلم، وأصل الشيء وشرطه لا ينافيه، وإذا كان العلم تابعًا، فأي شيء فرض مقررًا عليه تبعه العلم في ذلك.
قوله:"لو انقلب الإيمان واجبًا لكان العلم مؤثرًا في المعلوم".
قلنا: التأثير غير لازم؛ لأنا ندعي أن العلم يلزم لذاته امتناع خلاف ما تعلق به، واللازم قد يكون أثرًا؛ لأن العرض لازم للجوهر، وليس مؤثرًا فيه، والعلم لازم للإرادة، وليست مؤثرة فيه، وهو كثير في كل شرط مع مشروطه، وغير ذلك، وإذا كان اللزوم أعم من التأثير، فمن ادعى اللزوم لا يلزمه التأثير، بل هذا لازم للعلم لذاته، غير معلل، كسائر خصائص الحقائق.
قوله:"إن كان العلم سبب الوجوب لزم أن يكون قدرة".
قلنا: لا نسلم أن الوجوب هاهنا يقتضي أن يكون العلم قدرة؛ لأن الوجوب لازم عام للقدرة، والعلم والإرادة، وغيرها، غير أن وجوب الشيء بالعلم معناه أن الله تعالى قدر وجود الشيء بقدرته وإرادته، فعلمه كذلك تبعًا لوقوعه بالقدرة، ويستحيل إذا علم كذلك ألا يقع كذلك؛ لأن ذلك من خصائص العلم استحالة انقلابه جهلًا، بل هذه الحقيقة ثابتة لكل حقيقة؛ فإن انقلاب الحقائق محال في كل حقيقة، ووجود الشيء بالقدرة معناه: أن القادر استجمع لكل ما لابد منه في التأثير، وأثرت فيه القدرة،