وجعلت له الوجود، ونقلته من جهة العدم، فيلزم من ذلك الوجوب، والوجوب من الإرادة معناه: أن الله تعالى أراده في الزمن المعين موجودًا بالقدرة، فيستحيل ألا يكون كذلك، فالوجوب بالعلم لتعذر الانقلاب، والوجوب بالقدرة للتأثير والاستجماع، والوجوب بالإرادة لاستحالة عدم نفوذ الإرادة القديمة، فصار الوجوب لازمًا أعم الأسباب، خاصة في كل واحد من هذه، فلا يلزم أن يكون أحدهما هو الآخر.
قوله:"يلزم أن تكون التكاليف كلها من باب تكليف ما لا يطاق، لأجل العلم؛ لأن المعلوم الوجوب يصير واجب الوقوع، والواجب لا يصح التكليف به إلا بتكليف ما لا يطاق، ومعلوم العدم يستحيل وجوده، فالتكليف به تكليف بما لا يطاق".
قلنا: تعلق العلم بوجود الطاعة من زيد فرع أمره بالطاعة، وفرع تقدير الله تعالى له الطاعة، فالأمر شرط وأصل لتعلق العلم فلا ينافيه، كما تقدم بسطه.
قوله:"النص كقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}] البقرة: ٢٨٦ [".
تقريره: أن ذكر ذلك في سياق الامتنان يدل على إمكان ضده؛ إذ المتعين للوقوع لا يحسن به الامتنان.
فإن قلت: يشكل عليك بقوله تعالى: {وما ربك بظلام للعبيد}] فصلت: ٤٦ [مع أن سبب الظلم معين.
قلت: هذا من باب التمدح وهو سلب النقائض المستحيلة، بخلاف الامتنان، فهما بابان لا باب واحد.