للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: أي شيء تريد بالثابت؟ إن أردت في الخارج فممنوع، وإن أردت ثبوته في الذهن والعلم من حيث بالجملة، فلم قلت: إن ذلك يأباه المستحيل؟

قوله: " إذا جوزتم التكليف بالمحال، فجوزوا تكليف الجمادات، وإرسال المرسل إليها ":

قلنا: ذلك لا يتصور عقلاً، والتكليف بالمحال متصور عقلاً، أما عدم تصور الأول فلأن التكليف يرجع إلى النعيم في الطاعة، والعقوبة في المعصية، وذلك إنما يتصور في الحي المدرك، وغير المدرك لا يتصور منه لذة، ولا ألم، ولا أن يخير في شيء بفعله أو بتركه، وأما تصور التكليف بما لا يطاق؛ فلأن معناه أنه يعاقبه؛ لأن المأمور به يتعذر الحصول، ومعاقبة الحي متصورة عقلاً، وإنما تحيلونه أنتم لقاعدة الحسن والقبح، ونحن لا نقول بها، فلم يبق منه مانع عقلي، فظهر الفرق بين البابين.

قوله في الجواب: " وقوع العلم في الأزل يمنع من حصول ضد المعلوم ".

قلنا: قد تقدم أن تعلق العلم تابع للأمر فلا ينافيه، ثم إن هذا مانع عقلي، فلا نزاع فيه.

قوله: " تغيير الشيء في الماضي محال ".

تقريره: أن الماضي تعين فيه أحد النقيضين الوجود أو العدم، وكذلك الحاضر ورفع الواقع محال، وأما الأزمنة المستقبلة فقابلة للوجود والعدم كل واحد منها بدلاً عن الآخر لعدم التعين، فلا جرم لم يصح تعلق الأوامر إلا بالمستقبل.

قوله: " اللازم عن تعليلنا حصول الوجوب عند تعلق العلم، أما أن ذلك الوجوب به أو بغيره فغير لازم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>