للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد: إنهم كلفوا بأن يكفروا حتى يصير ذلك الخبر صادقا، فمتعلق التكليف إنما هو الإيمان فقط، أما عدمه فلا يلزم التكليف به، وإن كلف بالتصديق بالخبر الدال عليه، فبطل قولهم: إنه مكلف بأنه لا يؤمن؛ لأن هذا إشارة إلى التكليف بجعل الخبر صادقا لا بتصديق الخبر، فما تعلق التكليف بالمحال.

قوله: " الفعل يتوقف على داعية غير مخلوقة للعبد ".

قلنا: هذا الدليل إلى آخره تقدمت الأسئلة عليه في مسألة الحسن والقبح.

قوله: "وإن كانت الداعية غير مخلوقة للعبد لزم الجبر ".

قلنا: هذا يقتضي أنه غير مطاق عقلاً، ولا نزاع فيه بل في المتعذر العادي، وكذلك نسلم أن التكاليف كلها غير مقدورة عقلاً وهي مقدورة عادة، وذلك كافٍ في حسن التكليف بالاتفاق كما تقدم تقريره عن المعتزلة وغيرهم.

قوله: " إن توجه التكليف حالة إستواء الداعي كان تكليفاً بتحصيل الرجحان عند حصول الاستواء ".

قلنا: ومن ورود التكليف لا يطلب فيه الفعل البتة، بل في الزمان الذي يليه، فيما بعده من الأزمنة المستقبلة، والأزمنة المستقبلة لم تعين لوقوع التساوي، ولا الراجحة ولا المرجوحة، بل المكلف مأمور في زمان ورود الأمر أن يحصل في الزمان المستقبل الرجحان في زمان لم يتعين فيه ما يضاده، ولا يمنعه، وحينئذ نختار أنه ورد حالة التساوي بالترجيح في المستقبل، ولا يلزم محال حالة الرجحان، ولا يلزم تحصيل الحاصل، ولا الجمع بين المثلين؛ لأنه أمر في وقت الرجحان أن يحصل مثله في الزمن المستقبل.

وحينئذ لا محال، وتتوجه حالة المرجوحية، وتكلف بأن يحصل الرجحان.

<<  <  ج: ص:  >  >>