للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: على قوله: " كلف أبو لهب بتصديق هذا الخبر بأنه لا يؤمن "

فقال: لا يلزم التصديق بهذا الخبر عينا؛ لأن التصديق إنما كلف به جمليا.

يريد: والإجمال وجه، ومن كلف بالعام لا يلزم أنه كلف بالخاص، كما أن من كلف بتحرير رقبة لا يكون مكلفا برقبة بيضاء، طويلة، والإجمال إنما هو وجه ما في الحقيقة، ووجه ما أعم منها؛ لأنه يصدق معها وبدونها، ولذلك أن كثيرا من المؤمنين لا يعلمون أن في القرآن الآيات الخاصة، والإيمان بالشيء فرع الشعور به، بل الإيمان يحصل وإن لم يعرف الإنسان من القرآن آية واحدة، بل يكفي الجزم بتصديق الرسول عليه السلام في كل ما جاء به فقط.

وثالثها: على قوله: " إن توجه الأمر على العارف بالله امتنع " فقال: يكون عارفا بوجه ما، وقد تقدم تقريره.

ورابعها: على كلامه في التصورات غير مكتسبة، فقال: المعلوم باعتبار صادق عليه يمكن توجه الطلب نحوه، وإنما يمتنع ذلك في المجهول بجميع اعتباراته، ثم حصول التصديقات البديهية كيف كان لا توجب العلم بالنتيجة، بل لا بد من ترتيب خاص، وهو النظر، فإذا كان الترتيب مقدورا كانت العلوم النظرية مقدورة.

وزاد التبريزي فقال: اعلم أن بناء هذه المسألة على سلب تأثير قدر العباد فراراً من فقهها؛ وإبطالا لفائدة بعينها بالنظر، وقد وقع الخلاف بين العلماء في طرفي جوازها ووقوعها، فإن أجملنا الأفعال الاختيارية استحالت المسألة، وصار الواجب وقوعه ينعت بما لا يطاق، وقد أجمعت الأشاعرة والمعتزلة إلا الجبرية منهم على إثبات الفعل المقدور.

والفرق بينه وبين الرعشة، والرعدة، وحركة الجمادات، ثم الاختلاف في وجه تعلق القدرة الحادثة بالمقدور لا يرفع الإجماع على أصل التعلق، ولا خلاف في أن الله تعالى لم يكلفنا قلب الأجناس، ولا الكون في

<<  <  ج: ص:  >  >>