مكانين في حالة واحدة، فإن ساق إلى ذلك نظر وجب رده لهذه القاعدة، كما إذا توسط مزرعة للغير، أو وقع على صبي محفوف بالصبيان إن مكث قتل، وإن انتقل قتل، وهل في جائزات العقل إمكانه، وهل وقع إذا كان جائزا النزاع في هذين الأمرين، والحق جوازه وعدم وقوعه؛ لأن الطلب الذي هو ماهية التكليف ليس من جهة التشوق، ولا تعلقه تعلق التأثير لتعلق القدرة والإرادة بدليل صحة التعلق بالمعدوم، وغير المعين، فجاز تعلقه بالمحال، كالعلم، وبأنا لو قطعنا النظر عن القبح العقلى لم يكن محالا، وقد أبطلنا تلك القاعدة، ثم نقول: قبحه إما أن يكون للإضرار أو لعدم الفائدة؛ بدليل أنهما لو انتفيا لانتفى القبح قطعا، ولا يقبح الإضرار فإنه جائز (سابق)، بناء على سابقة جريمة، أو تعقب لذة، وإلا لعدمت الفائدة، فإنه لا سبيل إلى العلم بانتفائها، ولا نسلم أن الامتثال هو الفائدة.
وقول الغزالي:" إن الطلب يستدعى مطلوباً متصوراً " إن عنى به موجوداً في العقل فمسلم، والمحال لا يتصور، ولهذا صح أن يقضى عليه، ووصف إمكان الامتثال إنما يعتبر لغرض قصد الامتثال.
ولا نسلم حصر مقاصد التكليف في الامتثال.
وأما دليل عدم الوقوع: فقوله تعالى: {لايكلف الله نفسا إلا وسعها}[البقرة: ٢٨٥]، والكافر قادر على الإيمان والمعرفة، فإن الآلة سليمة، والإمكان حاصل، وعلمه تعالى بأنه تركهما معا لا لعلة مستحيل؛ فإن العلم لا لغير المعلوم، واذا كان من وصف المعلوم أنه تركه اختياراً فلو علمه محالا لم يكن ذلك العلم مطابقا، ولذلك اخباره عن الشيء على وفق علمه