لا يغير حكمه، فيجعل الممكن محالا، وحصول الداعية من العبد لا ينفي الاقتدار؛ لأن الموقع والمرجح هو الفاعل لا القدرة والإرادة، فإنهما جهتا الإيقاع والتخصيص، فيوجبان المحل الذي قاما به الاقتدار والاختيار.
ومن هنا يبطل حال لزوم الجبر المستفاد من الداعية، وهذا كقول القائل متى يوصف البارئ تعالى بالاقتدار على الفعل حال تعلق إرادته، أو قبل، وقبله ممتنع عنده واجب، والقدرة لا تتعلق بالمحال ولا بالواجب، والمأمور بالمعرفة غير العارف الذي يجوز أن يكون له رب تطلب منه المعرفة، والاستطاعة مع الفعل عند أهل الحق، ولكن ليس مأمورا بالفعل قبل الاستطاعة، وأجمع العقلاء على الفرق بين قولنا:(قم) وبين قولنا: (انظر) والنظر مقدور، والاعتمادات الذهنية كالاعتمادات في النظر عند محاولة المرئيات، ودوام تحقيق صفاتها، ويجد الانسان من نفسه المطالبة بذلك في تذكر ما ينسى.
ووجه الدلالة فيما يخفى وانكاره سنبسطه، وحصول القضايا لا يكون عن التصورات دون تعرف الفكر بنسبة بعضها إلى بعض في النفي والاثبات، ومطابقة وجه التأليف، وكل ذلك عن القلب، كما تعمل الجوارح وهو مناط الثواب والعقاب.
ومعنى كونها ضرورية: استقلال العقل بدرك بعضها من بعض بغير واسطة.
قلت: فقوله: " لم يكلفنا الله تعالى قلب الأجناس " إشارة إلى أن المستحيل العادي لم يقع، وقوله:" المتوسط لمزرعة الغير إن خرج أهلك الزرع، وان بقي أهلك الزرع، أو غاصب المزرعة ".
ومقتضاه أن يجب الخروج والإقامة نفياً للمفسدتين، وكذلك الواقع على الصبيان يجب أن يزول عنهم وألا يزول.