للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية

قال الرازي: قال أكثر أصحابنا، وأكثر المعتزلة: الأمر بفروع الشرائع لا يتوقف على حصول الإيمان.

وقال جمهور أصحاب أبي حنيفة رحمة الله عليه: يتوقف عليه، وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفراييني من فقهائنا.

ومن الناس من قال: تتناولهم النواهي دون الأوامر؛ فإنه يصح انتهاؤهم عن المنهيات، ولا يصح إقدامهم على المأمورات.

واعلم أنه لا أثر لهذا الاختلاف في الأحكام المتعلقة بالدنيا؛ لأنه ما دام الكافر كافرا - يمتنع منه الإقدام على الصلاة؛ وإذا أسلم، لم يجب عليه القضاء.

وإنما تأثير هذا الاختلاف في أحكام الآخرة؛ فإن الكافر إذا مات على كفره، فلا شك أنه يعاقب على كفره، وهل يعاقب مع ذلك على تركه الصلاة والزكاة وغيرهما، أم لا؟

ولا معنى لقولنا: إنهم مأمورون بهذه العبادات، إلا أنهم كما يعاقبون على ترك الإيمان، يعاقبون أيضا بعقاب زائد على ترك هذه العبادات، ومن أنكر ذلك قال: إنهم لا يعاقبون إلا على ترك الإيمان، وهذه دقيقة لابد من معرفتها:

لنا وجوه:

الأول: أن المقتضي لوجوب هذه العبادات قائم، والوصف الموجود، وهو الكفر، لا يصلح مانعا؛ فوجب القول بالوجوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>