للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحة الرسالة، ويصرح بذلك بلسانه، ويقول: أخاف من الدخول إما المعرة، أو فوات منصب، أو غير ذلك، كما اتفق لأبي طالب حال حياته، كان يعتقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصرح بذلك طول عمره، ومنه قوله في شعره (الطويل):

لقد علموا أن ابننا لا مكذب ... لدينا ولا يعنى بقول الأباطل

فقد صرح بأنهم يعلمون صدقه، ويروى أنه كان يقول: لولا أن تعيرني نساء قريش لاتبعتك.

وكافر كفر بباطنه دون ظاهره، وهو المنافق.

وكافر كفر بظاهره دون باطنه، وهو المعاند.

كما يحكى أن بعض اليهود قال لأخيه: امض إلى هذا الرجل، فانظر إليه، هل هو هو؟ فرجع إليه، فقال: هو هو.

فقال: على ماذا عزمت؟

قال: على معاداته ما عشت.

قال تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ... الآية} [النمل: ١٤] فهؤلاء معاندون.

وكافر كفر بفعله، وآمن بظاهره وباطنه، وأذعن للفروع، كملقي المصحف الكريف في القاذورات، ونحوه من السجود للصنم وغيره.

وكافر كفر بإرادة الكفر لا بنفس الكفر؛ لأن إرادة الكفر عند الشيخ أبي الحسن الأشعري كفر، وجعل منه بناء الكنائس، فمن بنى كنيسة ليكفر فيها بالله تعالى فهو كافر؛ لإرادته الكفر، ومن قتل نبيا مع إيمانه كتمان شريعته فهو كافر؛ لإرادته الكفر، ومن أخر رجلا عن الإيمان بغير عذر فهو كافر؛ لإرادته بقاءه على الكفر، ولذلك قيل: إن الخطيب إذا أخر يوم الجمعة من يريد الإسلام لأجل الخطبة، فقد كفر، فلا تصح الجمعة خلفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>