وثانيهما: أن الاستثناء عبارة عما لولاه، لوجب اندراجه، فقال السائل: لعل الواضع بعده، إن نقل عنه، غير وضعه؛ فجعل الاستثناء لا يدخل في صيغة العموم، وجعل الاستثناء عبارة عما لولاه، لامتنع فيما يتم؛ لأنهم يبنونه على أمور منسوخة، والبناء على المنسوخ باطل.
وجوابه: أن الأصل عدم الرجوع.
قوله:" لو ثبت أن اللغات توقيفية، امتنع ذلك ".
قلنا: لا نسلم أنه يمتنع؛ لأن الله سبحانة وتعالى إذا جاز عليه نسخ الشرائع والأحكام المتضمنة للمصالح العظيمة، ونقلها إلى أضدادها، جاز عليه نقل الأسماء والألفاظ عن موضوعاتها، لا سيما ووضع اللفظ المعين للمعنى ليس بينهما مناسبة، بل بمجرد الإرادة.
وأما في الأحكام: والإرادة والمصالح الكلية، فليس ذلك بمستحيل على الله تعالى، بل تجويزه على الله تعالى أقرب؛ لأن الله تعالى لا يقبح من فعله شيء في مادة الإمكان، واليسير يقبح منه عادة يبطل شيئا لغير غرض صحيح.
قوله:" لو كانت للعموم، لكان الاستثناء نقضا ".
تقريره: أن النقض عبارة عن وجود الدليل بدون المدلول، أو العلة بدون المعلول، أو الحد بدون المحدود، والألفاظ اللغوية كلها أدلة على مسمياتها، فإذا استثنى من صيغة العموم، يكون الدال على العموم قد وجد، وهو صيغة العموم، ولم يوجد العموم؛ لأنه ابطل بعضه بالاستثناء، فقد وجد الدليل بدون المدلول، وهو حقيقة البعض