قوله:" لا نسلم أنه يجوز استثناء أي عدد كان من جموع القلة؛ فلا يجوز أن يقال: أكلت الأرغفة إلا ألف رغيف ".
قلنا: هذا جائز على مذهبكم؛ لأن جموع القلة إذا تعرفت، صارت للعموم.
ويجوز استثناء أي عدد كان من صيغة العموم، وكل من قال: بأن اللام للعموم، جوز ذلك؛ فلا معنى لهذا المنع، بل لو أورد هذا الخصم بصيغة التنكير، أمكن اتجاه المنع مع ان فيه نظرا؛ لأنه إذا قال:" أكلت أرغفة إلا هذا الألف رغيف " صح؛ لأن قوله:(أرغفة): مدلوله لفظ كلي يتناول اثنين أو ثلاثة من الأرغفة بدلالته، ويصلح لغة للعشرة فما دونها، ولا يدل عليها، وعلى كل تقدير، فهذا المفهوم الكلي يصح أن يعين في هذه الألف وفي غيرها، فهذا الألف من بعض محالها، واستثناء بعض المحال من الكل قد تقدم الخلاف فيه؛ فإنه كالاستثناء عن التكرار حرفا بحرف، وهو أحد الأقسام الأربعة المذكورة في أقسام الاستثناء الذي هو عبارة: عما لولاه لجاز دخوله، هذا إذا قال: إلا هذه الألف رغيف.
وكذلك إذا قال:" إلا هذا الرغيف، وهذا الرغيف " ويكرر ذلك حتى يكمل ألف رغيف، فإنه يجوز على القول بجواز الاستثناء عن النكرات؛ لأن هذه الأفراد كلها محال لذلك الأمر الكلي والجزئي، فهو محل لأعمه، نعم إذا تكرر وقال:" أرغفة إلا ألفا " فهذا يمتنع بشرط أن يكون استعمل اللفظ في حقيقته، وهو ما دون العشرة؛ لأنه يصير معناه:" أكلت عشرة أو أقل إلا ألفا " وهذا ممتنع إجماعا؛ لأن استثناء أكثر من المدلول المساوي ممتنع إجماعا، فالأكثر أولى بالمنع، أما إن استعمل اللفظ في مجازه، وهو جمع الكثرة، جاز أن يستثنى ألفا وأكثر؛ لأن الذي استعمل اللفظ فيمن يصلح