رجلا قصيرا، فقال له: لم أعطيته، مع أني أردت الطوال؟ فللعبد أن يقول: ما أمرتني بإعطاء الطوال، وإنما أمرتني بإعطاء من دخل، وهذا قد دخل.
وكل عاقل سمع هذا الكلام، رأى اعتراض السيد ساقطا، وعذر العبد متوجها.
وأما الثاني: فهو: أن العبد لو أعطى الكل إلا واحدا، فقال له السيد:" لم لم تعطه؟ " فقال: " لأنه طويل، وكان لفظك عاما، فقلت: لعلك أردت القصار " استوجب التأديب بهذا الكلام.
الخامس: إذا قال: " أعتقت كل عبيدي وإمائي " ومات في الحال ن ولم يعلم منه أمر آخر سوى هذه الألفاظ حكم بعتق كل عبيده وإمائه.
ولو قال:(غانم حر) وله عبدان اسمهماغانم، وجبت المراجعة، والاستفهام؛ فعلمنا عدم الاشتراك.
السادس: أنا ندرك تفرقة بين قولنا: (جاءني فقهاء) وبين قولنا: (جاءني كل الفقهاء) ولولا دلالة الثاني على الاستغراق، وإلا لما بقى الفرق.
السابع: معلوم أن أهل اللغة، إذا أرادوا التعبير عن معنى الاستغراق، فزعوا إلى استعمال لفظة (الكل) و (الجميع) ولا يستعملون الجموع المنكرة، ولولا أن لفظة (الكل) و (الجميع) موضوعة للاستغراق، وإلا لكان استعمالهم هاتين اللفظتين عند إرادة الاستغراق، كاستعمالهم للجموع المنكرة.
فإن قلت في جميع هذه المواضع: إنما حكمنا بالعموم؛ للقرينة، قلت: كل ما تفرضونه من القرائن أمكننا فرض عدمه مع بقاء الأحكام المذكورة.