وأيضا: لو قيل: كل من قال لك (جيم) فقل له: (دال)، فهاهنا لا قرينة تدل على هذه الأحكام، مع أن العموم مفهوم منه.
وأيضا: الأعمى يفهم العموم من هذه الألفاظ، مع أنه لا يعرف القرائن المبصرة، وأما المسموعة فهي منفية؛ لأنا فرضنا الكلام فيمن سمع هذه الألفاظ، ولم يسمع شيئا آخر.
الثامن: لما سمع عثمان رضي الله عنه قول لبيد (الطويل):
: وكل نعيم لا محالة زائل "
قال: كذبت؛ فإن نعيم الجنة لا يزول، فلولا أن قوله أفاد العموم، وإلا لما توجه عليه التكذيب، والله أعلم.
الفصل الثالث
(كل) و (جميع) للعموم
قال القرافي: قوله: " جاءني كل فقيه ... ، ولذلك استعمل كل واحد منهما لتكذيب الآخر ".
تقريره: أن هذا مبني على قاعدة، وهي أن القضايا المحصورة المشهورة أربعة أقسام:
موجبة كلية، وسالبة كلية، موجبة جزئية، وسالبة جزئية، فالكلية لا تناقضها الكلية؛ لأن قولنا: " كل عدد زوج، لا شيء من العدد بزوج " كاذبتان، والنقيضان لا يكذبان معا، وإذا كانت الكليتان لا تتناقضان،