إلى كون اللفظ حقيقة في المسمى، لتعذر علينا أن نحكم بكون لفظ ما حقيقة في معنى ما؛ إذ لا طريق إلى كون اللفظ حقيقة سوى ذلك.
الثاني: هو أن هذه الألفاظ، لو لم تكن حقيقة في الاستغراق والخصوص، لكان مجازا في أحدهما، واللفظ لا يستعمل في المجاز إلا مع قرينة؛ وذلك خلاف الأصل.
وأيضا: فتلك القرينة: إما أن تعرف ضرورة، أو نظرا: والأول باطل، وإلا لامتنع وقوع الخلاف فيه.
والثاني أيضا باطل؛ لأنا لما نظرنا في أدلة المثبتين لهذه القرينة، لم نجد فيها ما يمكن التعويل عليه.
وثالثها: أن هذه الألفاظ، لو كانت موضوعة للاستغراق، لما حسن أن يستفهم المتكلم به؛ لأن الاستفهام طلب الفهم، وطلب الفهم عند حصول المقتضى للفهم عبث؛ لكن من المعلوم أن من قال:" ضربت كل من في الدار " أنه يحسن أن يقال: " أضربتهم بالكلية؟ " وأن يقال: " أضربت أباك فيهم؟ ".
ورابعها: أنها لو كانت للاستغراق، لكان تأكيدها عبثا؛ لأنها تفيد عين الفائدة الحاصلة من المؤكد.
وخامسها: أنها لو كانت للاستغرق، لكان الاستثناء نقضا؛ وبيانه من وجهين:
الأول: أن المتكلم قد دل على الاستغراق بأول كلامه، ثم بالاستثناء رجع عن الدلالة على الكل إلى البعض؛ فكان نقضا، وجاريا مجرى ما يقال:" ضربت كل من في الدار، لم أضرب كل من في الدار ".