الثاني: أن لفظة العموم، لو كانت موضوعة للاستغراق، لجرت لفظة العموم مع الاستثناء مجرى تعديد الأشخاص، واستثناء الواحد منهم بعد ذلك في القبح؛ كما إذا قال:" ضربت عمرا، وضربت خالدا " ثم يقول: " إلا زيدا " فلما لم يكن كذلك، دل حسن الاستثناء على أن جنس هذه الصيغ ليست للاستغراق.
وسادسها: أن صيغة " من، وما، وأي " في المجازة، يصح إدخال لفظ (الكل) عليها تارة، و (البعض) أخرى؛ فتقول:" كل من دخل داري، فأكرمه، بعض من دخل داري، فأكرمه " ولو دلت تلك الصيغة على الاستغراق لكان الكل عليها تكريرا.
وسابعها: لو كانت لفظة " من " للاستغراق، لامتنع جمعها؛ لأن الجمع يفيد أكثر مما يفيده الواحد، ومعلوم أنه ليس بعد الاستغراق كثرة، فيفيدها الجمع، لكن يصح جمعها؛ لقول الشاعر (الوافر):
والجواب عن الأول: لا نسلم أنه غير معلوم بالضرورة؛ فإنا بعد استقراء اللغات نعلم بالضرورة أن صيغ " كل، وجميع، ومن، وما، وأي " في الاستفهام والجزاء للعموم.