للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول مسلم؛ والثاني ممنوع؛ فلم قلت: إنه لم توجد مقدمات نقلية يستنتج العقل منها ثبوت الحكم في هذه المسألة؟

سلمناه؛ فلم لا يجوز أن يعرف ذلك بالآحاد؟

قوله: " المسألة قطعية ".

قلنا: لا نسلم؛ كيف وقد بينا أن القطع لا يوجد في اللغات إلا نادرا؟

والجواب عن الثاني: لا نزاع في أن هذه الألفاظ قد تستعمل في الخصوص؛ ولكنك إن ادعيت أنه لايوجد الاستعمال إلا حيث لا حقيقة؛ فحينئذ تعذر الاستدلال بالاستعمال على كونه حقيقة، فإن قلت: أستدل بالاستعمال مع أن المجاز خلاف الأصل على كونه حقيقة فيه.

قلت: قولك " المجاز خلاف الأصل " لا يفيد غلا الظن، وعندك المسألة قطعية يقينية.

وأيضا: فكما أن المجاز خلاف الأصل، فكذلك الاشتراك، وقد تقدم في كتاب اللغات: أنه إذا وقع التعارض بينهما، كان دفع الاشتراك أولى.

وأما قوله أولا: " لو لم يجعل هذا طريقا غلى كون اللفظ حقيقة، لم يبق لنا إليه طريق أصلا ".

قلنا: قد بينا فساد هذا الطريق، فإن لم يكن هاهنا طريق آخر إلى الفرق بين الحقيقة والمجاز، وجب أن يقال: إنه لا طريق إلى ذلك الفرق؛ لأن ما ظهر فساده، لا يصير صحيحا؛ لأجل فساد غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>