الأول مسلم؛ والثاني ممنوع؛ فلم قلت: إنه لم توجد مقدمات نقلية يستنتج العقل منها ثبوت الحكم في هذه المسألة؟
سلمناه؛ فلم لا يجوز أن يعرف ذلك بالآحاد؟
قوله:" المسألة قطعية ".
قلنا: لا نسلم؛ كيف وقد بينا أن القطع لا يوجد في اللغات إلا نادرا؟
والجواب عن الثاني: لا نزاع في أن هذه الألفاظ قد تستعمل في الخصوص؛ ولكنك إن ادعيت أنه لايوجد الاستعمال إلا حيث لا حقيقة؛ فحينئذ تعذر الاستدلال بالاستعمال على كونه حقيقة، فإن قلت: أستدل بالاستعمال مع أن المجاز خلاف الأصل على كونه حقيقة فيه.
قلت: قولك " المجاز خلاف الأصل " لا يفيد غلا الظن، وعندك المسألة قطعية يقينية.
وأيضا: فكما أن المجاز خلاف الأصل، فكذلك الاشتراك، وقد تقدم في كتاب اللغات: أنه إذا وقع التعارض بينهما، كان دفع الاشتراك أولى.
وأما قوله أولا:" لو لم يجعل هذا طريقا غلى كون اللفظ حقيقة، لم يبق لنا إليه طريق أصلا ".
قلنا: قد بينا فساد هذا الطريق، فإن لم يكن هاهنا طريق آخر إلى الفرق بين الحقيقة والمجاز، وجب أن يقال: إنه لا طريق إلى ذلك الفرق؛ لأن ما ظهر فساده، لا يصير صحيحا؛ لأجل فساد غيره.