منها: من ينشأ عن الفطر الإنسانية عند استحكام النشء، وذهاب الطفولية؛ كاستحالة الجمع بين النقيضين والضدين، وكون الجسم الواحد في مكانين.
ومنها: ما ينشأ عن التواتر؛ كالعلم بـ (بغداد).
ومنها ما ينشأ عن القرائن الحالية، أو المقالية، كالعلم الضروري؛ بأن كل حيوان، إذا أكل، تحرك فكه الأسف إلا التمساح، وأن كل بغلة لا تلد، وأن الإنسان لا يعيش بغير تنفس، وهذه المسائل الأصولية من هذا الباب؛ فإن العلم الضروري فيها حاصل بعد استقراء اللغات، واشتراك العقلاء: إنما يلزم في القسم الأول دون الأخير، وفيما هو ضروري؛ فلا يلزم الشركة فيه، وفيما علم بالضرورة بدليل يطرأ أو لمس حسي؛ فإن من حصل له العلم بمقدار حساب من العدد بالطرق الحسابية، أو وضع يده في طاس ماء بارد أو حار قطع بذلك، ولا يشاركه فيه غيره، إلا أن يشاركه في سبب تلك الضرورة؛ فظهر أن ما ذكره من الملازمة غي لازم.
قوله:" الدليل: إما أن يكون عقليا أو نقليا ".
قلنا: القسمة غير منحصرة؛ لأن الدال قد يكون قرائن الأحوال الحالية، أو المقالية، أو الاستقراء، أو الحسن والعقل، أو بعض هذه مع بعض من القبيل الآخر، ومع ذلك؛ فهذا كله ترديد بين النوائب التي لايعلم الحصر فيها؛ فلا يكون حجة.
قوله:" لا مجال للعقل في اللغات ".
يريد على سبيل الاستقلال؛ فإن العقل لا يستقل إلا بثلاثة أشياء: