للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أنه يؤكد؛ فقوله تعالى: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} [الحجر: ٣٠]

وأما أنه بعد التأكيد، يقتضي الاستغراق؛ فبالإجماع.

وأما أنه، متى كان كذلك، وجب أن يكون المؤكد في أصله للاستغراق؛ فلأن هذه الألفاظ مسماة بالتأكيد؛ إجماعا، والتأكيد هو تقوية الحكم الذي كان ثابتا في الأصل، فلو لم يكن الاستغراق حاصلا في الأصل، وإنما حصل بهذه الألفاظ؛ ابتداء، لم يكن تأثير هذه الألفاظ في تقوية هذا الحكم الأصلي؛ بل في إعطاء حكم جديد؛ فكانت مبينة للمجمل، لا مؤكدة.

وحيث أجمعوا على أنها مؤكدة، علمنا أن اقتضاء الاستغراق كان حاصلا في الأصل.

فإن قيل: هذا الاستدلال على خلاف النص؛ لأن سيبويه نص على أن جمع السلامة للقلة، وما يكون للقلة لا يكون للاستغراق.

ثم ينتقض بجمع القلة؛ فإنه يجوز تأكيده بهذه المؤكدات، وأيضا: فعند الكوفين: يجوز تأكيد النكرات؛ كقوله (الرجز):

" قد صرت البكرة يوما أجمعا "

والنكرة لا تفيد الاستغراق.

والجواب: أنه لابد من التوفيق بين نص سيبويه، وبين ما ذكرناه من الدليل، فنصرف قول سيبويه، إلى جمع السلامة، إذا كان منكرا، وما ذكرنا من الدليل، إلى المعرف، ونمنع جواز تأكيد جمع القلة، وكذا تأكيد النكرات؛ على قول البصريين.

<<  <  ج: ص:  >  >>